الحرية للمعتقل الذي لا يميزه شيء | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

الحرية للمعتقل الذي لا يميزه شيء


في النهاية “تسنيم” فتاة عاديّة تمامًا، لا يميزها أي شيء. وهذه هي المسألة. لم أكن أنا لأتحمس للكتابة عنها إلا لسبب واحد ألا وهو أنها الشقيقة التوأم لأحد أصدقائي .. “أحمد عبد الحكيم” .. “عبحكيم” كما ندعوه.

الحرية للمعتقل الذي لا يميزه شيء

هذا المقال نشره الكاتب: أحمد مجدي رجب أول مرة في موقع قل، لكن تم حذف المقال، لتنشره شبكة معتقلين دوت كوم.


ما الذي يجعل اعتقال “تسنيم عبد الحكيم” أمرًا يستحق الالتفات؟ حسنًا! لا يوجد في الحدث أيّة تفاصيل خاصة تجعله مميزًا، أو تجعلنا نقف عنده. ليست الفتاة ناشطة طلابيّة سوف يتأثر بنبأ اعتقالها المئات. وليست كذلك من شخصيات الـ فيس بوك الشهيرة التي يتساءل الآلاف عن سبب اختفائها ولو ليوم واحد. ولا تمتلك ذلك الكم من الأصدقاء الذين سوف يملؤون الدنيا ضجيجًا بنبأ اعتقالها! .. وليس لاعتقالها قصة غريبة، تستوقف الناس!

في النهاية “تسنيم” فتاة عاديّة تمامًا، لا يميزها أي شيء. وهذه هي المسألة. لم أكن أنا لأتحمس للكتابة عنها إلا لسبب واحد ألا وهو أنها الشقيقة التوأم لأحد أصدقائي .. “أحمد عبد الحكيم” .. “عبحكيم” كما ندعوه.

المسألة هي أني أبحث عن سبب لجعل القصة متميزة وهذا خطأ. لقد نجحوا في تحويلنا إلى أرقام مطموسة الملامح. ونجحوا في تحويل أخبار الاعتقال إلى أخبار يوميّة عاديّة نتعامل معها بغير اهتمام. لقد صارت كلمة (الحرية لفلان) كلمة كلاشيهيّة تمامًا .. وهذا خطأ. هذا خطأ لن تتفهمه والدة “تسنيم” التي -في أغلب الظن- لم تنم أو تأكل أو تتحرك منذ أن عرفت عن اختطاف ابنتها من الشارع. لأن الباشا قرر ذلك. لن تتفهم أن الباشا رأى في الفتاة احتمالاً لأن تكون رقمًا آخر من الأرقام الملقاة في سجونهم!

كانت تسنيم عائدة إلى البيت من الجامعة مع صديقتها كنشاط معتاد يمارسه جميع طلاب الجامعة .. لكن الباشا قرر أن فى الأمر شيئاً وعليه سألها أمام بوابة الجامعة أن تطلعه على بطاقتها الشخصية وكارنيه الجامعة، وعند اطلاعه عليهما ولسبب ما – من غير المهم أن نعرفه بالطبع حيث يكفى أن الباشا يعرفه – قرر أنها يجب أن تعتقل، لم يكن مسموحاً لصديقتها بالاعتراض وإلا أخُذت هى الأخرى، تم حجز تسنيم فى نادى الشرطة لمدة أربع ساعات قبل أن يتم ترحيلها إلى قسم أول المنصورة، حيث تعرضت للضرب والإهانة. وعند توجه أختها خريجة كلية الحقوق إلى القسم تم التعدي عليها أيضًا بالضرب والسب! يبدو أن الأمر لم يخلو من محاولة اعتقال أيضاً لكن كثرة عدد الناس واصطحابها لصديقاتها حال دون ذلك!

قضت تسنيم الليلة فى سجن القسم ليتم ترحيلها اليوم صباحاً إلى النيابة .. تنتظر النيابة الآن تحريات الأمن الوطنى لكى تصدر قرارها يوم السبت المقبل إن شاء الله! وبينما ننتظر نحن ذلك القرار يجب أن نعلم أن تسنيم تلك الفتاة العادية متهمة بثمان تهم أولهم الشروع فى قتل ظابط وحرق بوكس شرطة !!

هكذا تصبح تسنيم الطالبة الرابعة فى المنصورة بعد منة، يسرا، وأبرار، معتقلات جامعة المنصورة الفتيات.

الحرية لـ “تسنيم” لأنها بشر. ومن حق البشر ألا يعتقلوا هكذا .. اعتباطاً! نعم هذا من حقهم! هذا حق أكثر بساطة من نشير إليه. لكن الباشا لا يرى ذلك! ومن حق البشر أن يمشوا في الشوارع غير خائفين من ألا يعودوا إلى بيوتهم لأن الباشا لا يريد ذلك. الحريّة لـ “تسنيم” لأنها فتاة. ومن حق الفتيات ألا يهينهم أحد فقط لأنه يستطيع. من حقهن النوم في بيوتهن، لا في أقسام يديرها حيوانات مسعورة.
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.