مكالمة أحيت الذكرى | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

مكالمة أحيت الذكرى


مكالمة أحيت الذكرى

قبل 30 يونيو بكام أسبوع، فيه حركة شبابية إسلامية عملت محاضرة متكررة لكوادرها، وزرعت فيهم فكرة خبيثة جدا.. جدا!

باختصار: الديموقراطية كفر، والإخوان وصلوا للسلطة بيها.. فلو نجحت تجربتهم، الناس هتتفتن بالديموقراطية.. فسلامة المنهج والعقيدة بتفرض علينا إننا نتمنى سقوط الإخوان حتى لو بانقلاب الجيش عليهم.. وده عشان تفضل عقيدة الناس نقية، وتفضل قاعدة "الديموقراطية كفر" ثابتة وأصيلة ومستمرة.

بعد المحاضرة دي، مجموعة منهم جات قعدت معانا ع القهوة، وعرضوا الفكرة.. يومها اختلفنا كتير وصوتنا كان عالي.. بالذات لما واحد منهم قولناله إن انقلاب الجيش يعني قتل وظلم ودم وخراب.. فقالنا إن تصحيح العقيدة أهم، حتى لو التمن إنه يموت مليون واحد ما دام هتفضل عقيدة الناس سليمة ومش هيتلوثوا.

فاكر حتى يومها، واحد ذكر لهم قول العز بن عبد السلام في قواعد الإحكام: "والحكام إذا تفاوتوا في الفسوق، قدمنا أقلهم فسوقا ، لأنا لو قدمنا غيره لفات مع المصالح ما لنا عنه مندوحة، ولا يجوز تفويت مصالح الإسلام إلا عند تعذر القيام بها".. فإن قيل: أيجوز القتال مع أحدهما لإقامة ولايته وإدامة تصرفه مع إعانته على معصيته؟ قلنا: نعم؛ دفعا لما بين مفسدتي الفسوقين من التفاوت ودرءا للأفسد فالأفسد".

المهم يعنى إيه اللي فكرني بالكلام ده دلوقتي؟

إمبارح، كلمت واحد منهم قدرا، وكان بيحكيلي عن إن حالته في مصر زفت. فقلتله حاول تسافر تركيا.. لقيته بيقولي إنه نفسه نظام تركيا يسقط لأنه "نظام كفري علماني بيفتن الناس في دينهم وبيلوث عقيدتهم"، وإنه يوم الانقلاب على أردوغان كان قلبه بيتنطط م الفرحة، وإنه زعل قوي لما الانقلاب عليه فشل!

طنشت وتجاوزت الكلام لأنه مش موضوعنا وكل واحد حر في دماغه.. لكن ما اتخنقتش غير لما لقيته بيقولي: بلاش تخلي حد يروح تركيا عشان جالي معلومات مؤكدة إن تركيا استلمت قوايم من السيسي عشان تسلمهم لمصر.. أنا بصراحة ما بأحبش الفتي في القضايا الحقوقية من غير مصدر.. خصوصا إن تركيا لسة مستقبلة مصريين جوازاتهم منتهية وبدون تأشيرة كمان.. لقيته بيقولى: دا نظام علماني وسخ وإن شاء الله هيعملها وهيسلمهم، وهتشوف!

أنا هنا لا بأدافع عن نظام ولا غيره.. لكن مستغرب من اضطراب منطقية التفكير عند بعض الناس.. وعمري ما فهمت خطورة الأفكار الخبيثة زي النهاردة، وإزاي ممكن فكرة تفضل تكبر وتكبر وتشكل وعي وتصورات وتحيزات واحد من الناس..

مكالمتي مع الشاب ده كانت تجسيد للفكر الضال، الخبيث، الكاره، المتطرف، الباحث عن الخراب في أي أرض، تحت راية سلامة العقيدة اللي تصور الإله فيها أقرب لدراكولا عايش على مص دماء الناس.. ما تسيب الناس عايشة يا عم وتشتغل إنت دعوة وتصحح لهم العقيدة النقية الطاهرة بتاعتك!.. لازم الدنيا تقلب خراب عشان إنت تكون مبسوط وعقيدتك سليمة!
ْ
احفظ يا رب أرواح الناس في كل بلاد الأرض..
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.