صوليتيود.. "جيفارا" الكاريبي التي اغتالها نابليون | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

صوليتيود.. "جيفارا" الكاريبي التي اغتالها نابليون


قبل اكتمال يوم من ولادتها، سيقت صوليتيود إلى حتفها كما أمر الجنرال.. كان اللبن يتساقط من ثدييها على قميصها، مختلطا بالدماء.. لكن عيونها لم تكن تذرف

صوليتيود.. "جيفارا" الكاريبي التي اغتالها نابليون


الرابع من أبريل عام 1802، في باس تير، أكبر جزر جوادلوب، الواقعة ضمن بحر الكاريبي اللاتيني، أعدم نابليون بونابرت واحدة من أعظم سيدات الكاريبي.

حين نجحت ثورة العبيد في هايتي عام 1794، كانت هي أول دولة -والوحيدة عبر التاريخ- التي تنال استقلالها إثر ثورة ينظمها العبيد.. وإثر ذلك، اضطرت فرنسا لإلغاء العبودية خوفا من أن تحذو بقية مستعمراتها حذو هايتي.

خلال تلك الفترة، كانت سفينة شحن للعبيد تحمل آلاف الشباب والفتيات من أفريقيا في طريقهم إلى الأرض الجديدة، من بينهم فتاة سوداء تعرضت للاغتصاب على يد الجنود، لتضع مولودتها "صوليتيود" ضمن ممتلكات سيدها الفرنسي.

صوليتيود هي بطلة حكايتنا، عاشت طفولتها في حظيرة بعيدة عن أمها التي قرر مالكها الفرنسي أن يرسلها دون طفلتها إلى حظيرة بعيدة، لأنه لم يعجبه انشغال ذهن الوالدة المُغتصبة بمراقبة طفلتها، وترك العمل وجني الثمار.

كبرت صوليتيود في حظيرة مالكها الفرنسي، لا تعرف أمها ولا أبيها، حتى ثار العبيد في هايتي القريبة، وألغت فرنسا العبودية، لتخرج صوليتيود للمرة الأولى من الحظيرة كإنسانة حرة ومقدّرة.

لكن الجنرال نابليون بونابرت لم يعجبه ذلك، فأعاد عام 1802 قانون العبودية في جوادلوب، وأرسل جيشا عظيما إلى الجزيرة لشحن العبيد إلى الحظائر مرة أخرى.. لكن شعب تلك الجزيرة -ومن بينهم صوليتيود- أبى.

حارب العبيد الأحرار جيش فرنسا، لكنهم سقطوا أمام أقوى أسطول على وجه الأرض، ومن بين الأسرى كانت صوليتيود التي كانت حامل في شهرها الأول.

تظّلم مالكها الفرنسي على قرار إعدامها، لأنها تحمل في بطنها طفلا يقع ضمن أملاكه، وسوف يكبر ويصبح عبدا عاملا في حظائره.. فقرر نابليون أن يُبقي على حياتها حتى تضع مولودها، على أن يتم إعدامها في اليوم التالي مباشرة.

وبعد شهور، وضعت صوليتيود مولودها في سجنها، وحين أفاقت لم تجده، إذ تم نقله سريعا إلى مالكه، ولم تُمنح أمه لحظة لإلقاء نظرة وداع عليه.

وقبل اكتمال يوم من ولادتها، سيقت صوليتيود إلى حتفها كما أمر الجنرال.. كان اللبن يتساقط من ثدييها على قميصها، مختلطا بالدماء.. لكن عيونها لم تكن تذرف، ولسانها لم ينطق سوى بكلمة واحدة: "عش حرًا أو مُت حرًا".

غير بعيد، استند نابليون في زهو على سيفه الفضي من شرفة قصره البديع في عاصمة النور، وهو يستمع إلى رسالة من كاتب أسطوله في جوادلوب: "التحيات للجنرال من باس تير، الرابع من أبريل 1802، أُعدمت صوليتيود".

شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.