حين أحيا الله أمنيتي
حين نزلت أغنية ديسباسيتو قبل نحو عامين، كنت في ماليزيا.. لما سمعتها أول مرة، أعجبتني عذوبة لغتها، حتى قبل أن أعرفها أنها الإسبانية.. تذكرت حينها أمنية بريئة من أيام المراهقة، كتبتها في كراستي في تسعينيات القرن الماضي، حين نزلت أغنية ماكارينا، وهي أنني يوما ما سأتعلم الإسبانية وأتحدث بها..
تذكرت أمنيتي، وأنا عالق في شرق آسيا دون أمل في مستقر قريب.. كانت خططي كلها تتجه نحو خارطة القارة البيضاء في أوروبا أو شمال الأرض المنفصلة في كندا وأميركا، وهي رحلة استقرار ستستغرق خمس سنوات على أقل تقدير، وأولوية التعلم فيها لن تكون للإسبانية مطلقا في جميع الأحوال..
ساعتها راودني خاطر: هل سيكون في الحياة متسعا لتحقيق هذا الحلم البعيد؟ ضحكت تعجبا من شخص لا يأمن مبيت الغد، ويمني نفسه بحلم لا يحققه سوى المطمئنين الأغنياء المستقرون.. ولسان حالي يقول: أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فات الوقت يا فتي.. ليس في الحياة متسع لكل أمل كاذب..
مر عامان.. وقبل يومين فقط، كنت أستلقى على سطح مسكني في جنوب الأرض المنفصلة حيث يتحدث الناس الإسبانية لغة أولى ووحيدة.. ارتمي لمسامعي مكبر الصوت في منزل الجيران، وهم يستمعون الأغنية نفسها.. وإذا بي أردد كلماتها في خاطري، بإسبانية واضحة جلية كالتي حلمت يوما أن أنطق بها..
تذكرت حديث الروح في ماليزيا قبل عامين، تذكرت سخريتي من إمكانية تحقيق الحلم، تذكرت غياب الثقة في قدرة الله على صنع المعجزات، وعلى المنح الحانية التي يلقيها بين المحن العصية.. وتذكرت أن الذي قال قبلي: أنى يحيي هذه الله، قد أجابه الله بلى، فأماته وأحياه، وأعطاه أكثر مما رجاه وتمناه..
ثق بربك وقدرته وحسن ترتيبه وقدره.. وكن على يقين أن صانع المعجزات ما يزال على رؤوس الأشهاد قائما بالقدرة والقرار.. وأن زمن المعجزات لم ينته بعد!
شاهد أيضا