غوايدو ومادورو.. ماذا يحصل في فنزويلا؟ | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

غوايدو ومادورو.. ماذا يحصل في فنزويلا؟


أكتب تلك السطور من المدينة الحدودية بين فنزويلا وإحدى دول الجوار التي شهدت نزوج 80 ألف فنزويلي على وقع التغيرات الأخيرة..

غوايدو ومادورو.. ماذا يحصل في فنزويلا؟


أكتب تلك السطور من المدينة الحدودية بين فنزويلا وإحدى دول الجوار التي شهدت نزوج 80 ألف فنزويلي على وقع التغيرات الأخيرة..

سأحاول في السطور التالية توضيح واقع الأحداث في فنزويلا بعيدا عن التناول السطحي الذي يقدمه المحللون العرب باختزال حراك غوايدو في كونه انقلابا تدعمه أميركا..



صورة بانورامية للعاصمة كاركاس - gitty

(1)
بداية، لا يوجد تواصل كافٍ بين اللاتينين والعرب، وكل طرف يبني موقفه من قضايا الآخر بناءً على القضايا الأخلاقية العامة، مثل رفض الهيمنة الأميركية وتدخلاتها.. وهذا ما جعل أغلب المحللين اللاتينيين يدعمون نظام الأسد بعد القصف الأميركي ضده، دون أن يكون لديهم علم بواقع الأحداث السورية..

واستجابة لقاعدة "رفض الهيمنة الأميركية"، هاجم أغلب المحللين اللاتينيين الضربة الجوية الأميركية ضد الأسد، دون أخذ الواقع السوري في الاعتبار بما يشمله من جرائم للنظام وقوات روسية وإيرانية ومقاتلين أجانب.. ودون الاعتبار بأن قطاعا كبيرا من السوريين أنفسهم كان مؤيدا لتلك الضربة..
هذه القاعدة نفسها "رفض التدخل الأميركي" كانت هي المحرك الأساسي بتشكيل رد فعل المحللين العرب تجاه ما يحصل في فنزويلا، حيث تم اختزال حراك غوايدو في كونه انقلابا تدعمه أميركا.. ولأن ما تدعمه أميركا لا يأت بخير أبدا، لذلك، سنرفضه ونساند مادورو البطل الشجاع.. هذه نظرة سطحية جدا للأمر!


واستجابة لقاعدة "رفض الهيمنة الأميركية"، هاجم أغلب المحللين اللاتينيين الضربة الجوية الأميركية ضد الأسد، دون أخذ الواقع السوري في الاعتبار بما يشمله من جرائم للنظام وقوات روسية وإيرانية ومقاتلين أجانب.. ودون الاعتبار بأن قطاعا كبيرا من السوريين أنفسهم كان مؤيدا لتلك الضربة..


(2)
الحقيقية هي أن حراك غوايدو يمثل لحظة انتصار فارقة لنضال متصل للشعب الفنزويلي ضد مادورو، الذي لم ينعم بسنة هادئة منذ استيلائه على السلطة، حيث تتجدد الاحتجاجات دوريا ويسقط عشرات القتلى والمصابين، وتزخر سجونه بالمعتقلين.. وتتطور الاحتجاجات لمحاولات اغتيال وانقلابات سياسية وعسكرية..

غوايدو هو زعيم المعارضة، ويحظي بتأييد جماهيري كبير، وسبق أن كانت له محاولات متعددة لإزاحة مادورو من السلطة، سواء انقلابيا عبر محاولة اغتيال، أو سياسيا عبر الانتخابات التي زورها مادورو.. ويحظي غوايدو بدعم مجموعة ليما التي تضم دول الجوار الفنزويلي كافة، ولا تعترف برئاسة مادورو..

أما مادورو، فهو الرئيس الذي ترفضه كل من الإكوادور وكولومبيا والبيرو والبرازيل، وتمنع دخوله إلى أراضيها، وتواجه بسببه موجة لجوء عارمة إثر انهيار الاقتصاد الفنزويلي، والقمع السياسي الذي خلف مئات المطاردين في أزقة القارة.. وكلها أسباب جعلت المجموعة تدعم حراك غوايدو منذ أول لحظة..

أما أميركا، فالحقيقة أن مادورو لا يواجه أي مشكلة حقيقية معها، وكانت بعثتها الديبلوماسية تمارس عملها بشكل طبيعي حتى الأمس.. والشعارات المادورية ضد أميركا ما هي إلا امتداد لشعارات تشافيز، وهي البناء الثقافي الذي كان مادورو يبني عليه شعبيته في بلاده، باعتباره حامل الراية التشافزية..

أما الفنزويليون أنفسهم، فهم أسعد الناس بحراك غوايدو، ويتمنون له التوفيق في أي مسعى يمكن من خلاله إزاحة مادورو عن موقعه، يحتقل الفنزويليون في الشوارع داخل البلاد وخارجها، ويؤمنون أن غوايدو لا يمكن أن يسقط ببلادهم أكثر، وذلك لأن مادورو تركهم في القاع!

(3)
الموقف الأخلاقي للحقوقيين العرب يجب أن يكون بدعم اختيارات الشعوب ونضالاتها.. رحيل مادورو مطلب شعبي، وليس ذنب الشعوب أن أميركا قررت تلك المرة أن تختار صفا يصادف ما يريده الشعب الفنزويلي لأسباب أو لأخرى..

(4)
يسقط مادورو، ويعيش الشعب الفنزويلي..
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.