مذكرات شاب شارك في الثورة! | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

مذكرات شاب شارك في الثورة!


مثل كل شباب التيار الإسلامي الذين شاركوا في ثورة يناير، ثم أنكر الجميع دورهم، واتهموهم بركوب الثورة، كنت أنا. ذلك الشاب القروي البسيط الذي غاب عن امتحان السنة الأخيرة من الكلية التي قطع من أجلها آلاف الكيلومترات إلي العاصمة، من أجل أن ينضم للجموع الثائرة في الشوارع والميادين، كنت أنا.

مذكرات شاب شارك في الثورة!

مثل كل شباب التيار الإسلامي الذين شاركوا في ثورة يناير، ثم أنكر الجميع دورهم، واتهموهم بركوب الثورة، كنت أنا. ذلك الشاب القروي البسيط الذي غاب عن امتحان السنة الأخيرة من الكلية التي قطع من أجلها آلاف الكيلومترات إلي العاصمة، من أجل أن ينضم للجموع الثائرة في الشوارع والميادين، كنت أنا.
في خيمتي بميدان التحرير
رغم أن كثيرين ممن يتكلمون اليوم باسم الثورة لم يعرفوها إلا يوم 25 يناير، كان شباب التيار الإسلامي الأكثر تفاعلا مع رحيل بن علي، وكانوا أول من قالها صراحة لمبارك: إن عليك أنت ترحل.

البداية: في رحاب ثورة تونس
 في يوم يوم 16 يناير، كتبت علي حسابي في الفيس بوك: يا مبارك يا مبارك.. السعودية في انتظارك 
لكن كان واضحا أن مبارك لن يرحل من تلقاء نفسه، لذلك فقد كتبت يوم 18 يناير: لا بد للكابوس أن ينزاح عنا.. أو يُزاح
 كان واضحا من أول يوم أن النزول ضد مبارك ستكون له ضريبته، لذا فقد كتبت بتاريخ 21 يناير: قم للوطن.. وانثر دماك له ثمن
ومع أول نداء للنزول إلي الشوارع، وبالتحديد يوم 24 يناير، كتبت: عندي امتحان بعد بكرة، وبرده هأنزل، مصر أهم من امتحاني

ولكي نتجاوز المزايدات، فإنه وبالرغم من اجتماع كل التيارات في الثورة، إلا أنني لم أنس يوما أنني إسلامي الغاية والحراك.. كتبت يوم 24 يناير: لا مفر لا مفر.. الخلافة هيا الحل.. الإسلام هوا الحل

في ميدان التحرير - انقطاع الإنترنت: 
بعد ذلك انقطع الانترنت عن الميدان منذ صباح الخامس والعشرين من يناير، وحتي منتصف يوم 7 فبراير.. وكنت أنا طول تلك المدة داخل الميدان لم أخرج منه أبدا.. وكان السؤال الذي يسيطر علي عقلي (باعتباري إسلاميا): أين المشايخ مما يحصل؟ لماذا لا نراهم في الميدان معنا!؟


عودة الإنترنت:
وفي يوم 7 يناير، تسرب الإنترنت إلي الميدان، وعندها انفجرت في الشيوخ الذي كذبوا علينا بخطب الجهاد وكلمة الحق طيلة أيام عمرنا الفائت، كتبت يومها: أحدثكم من ميدان التحرير للاجئين.. حسبنا الله ونعم الوكيل في شيوخنا
وكتبت في نفس اليوم أيضا: أين أسد السنة وأين أعلم أهل الأرض في الحديث مما يحدث لنا في التحرير؟

ثم كان القرار الأخير في شأن هؤلاء الشيوخ، لا هم مني ولا أنا منهم، هم ككل المشاهير، كالمغنيين والفنانين.. كتبت: أتعجب من هؤلاء الذين يدافعون عن لاعبي الكرة وشيوخ السلفية ونجوم الفن!
يوم 8 فبراير- عمر سليمان: 
في ذلك اليوم (تقريبا كان يوم الثلاثاء) امتلأ الميدان عن آخره، كان أكبر عدد منذ بدأنا فعلا.
في نفس اليوم، تواردت أنباء عن رحيل مبارك وانتقال السلطة إلي عمر سيلمانالذي عينه نائبا له.. فكتبت: لا مبارك ولا سليمان.. دا فرعون ودا هامان


يوم 10 فبراير - اليأس:
بدأ التعب يتسلل إلي قلوبنا.. لم نكن نعلم أن الفرج في مساء الغد.. لذلك كنت أحاول أن أصبر نفسي والناس.. كتبت: أحدثكم من الميدان: ما تعبناش ما تعبناش، الحرية مش ببلاش
وكتبت في ذات اليوم: مش هنمشي م الميدان.. حتي لو طلق سوزان
وكتبت: واحد صاحبي بيقول: مبارك هيتعدم إن شاء الله
صباح يوم 11 فبراير - الإصابة:
في ذلك اليوم، كان أحد البلطجية الذين قُبض عليهم علي أطراف الميدان يحاول التملص من لجان التأمين، وحين حاولت مساعدتهم، اصطدمت بحديدة في شفتي فشقتها من نصفها.. كتبت: أثناء مطاردة بلطجي في الميدان أصبت بحديدة في الشفة العليا
كان من ضمن الحاجات المضحة في الأمر، إن الجرح اللي في وشي كان صعب يتخيط عشان كان هيسيب ندبة في وشي، وبالتالي الدكتور قالي: هنسيب الجرح يلم لوحده، وممنوع الضحك والكلام عشان الجرح ما يوسعش!
مساء يوم 11 فبراير - رحيل مبارك:
في نهاية اليوم، فوجئنا بعمر سليمان يعلن تنحي مبارك عن السلطة.. كانت لحظة لا تُوصف.. شعور بالنصر والأمل والمستقبل، بعد اليأس الذي كاد يتسرب إلي نفوسنا.. كتبت: من كان يصدق!
نسيت في خضم الأحداث أن يوم ميلادي مر دون أن أنتبه.. كتبت: الأمس كان عيد ميلادي واليوم رحل مبارك وغدا ذكرى استشهاد الإمام البنا
إضافة تسمية توضيحية
ولأنني مصري، فما كان يجوز لي أن تمر تلك اللحظة دون أن أخرج المحلل السياسي الكامن في داخلي.. كتبت: تحررت تونس يوم الجمعة، وكذلك مصر، من يا تري الجمعة القادمة؟
يوم 12 فبراير - ننظيف الميدان:
وأخيرا، في صباحية يوم 12 فبراير، بدأنا تنظيف الميدان، ثم تذكرت هؤلاء الأحباب الذي دفعوا أكثر من أي أحد ثمن إجرام مبارك، صرخت فيهم لعل صوتي يبلغهم:  يا أهل غزة لقد سقط مبارك
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.