صاحبنا.. ذو المقعد الوثير! | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

صاحبنا.. ذو المقعد الوثير!


يدفع الحنين صاحبنا إلى أن يفتح أخيرا "جروب المصريين"، ليري الحروف العربية التي كاد أن ينسى شكلها منذ سافر إلي أمريكا، قبل أن يكتب منشورا عميقا يتناول الشأن المصري.

صاحبنا.. ذو المقعد الوثير!


يجلس صاحبنا المصري المهاجر إلي واشنطن وهو يشاهد باهتمام مباراة لكرة القدم الأمريكية، قبل أن تلسعه درجة الحرارة التي ارتفعت فجأة في حجرته، ليكتشف بعدها أن التكييف المعلق فوقه علي الحائط قد توقف عن العمل بعد عطل مفاجئ..

يستند صاحبنا بظهره إلي مقعده الوثير، وهو يتأفف من تلك الحرارة التي جعلته يتذكر فجأة ذلك "الأوتوبيس" الذي كان ينطلق به من ميدان الجيزة إلي الجامعة قبل 10 أعوام حين كان في مصر.. آه، صحيح.. مصر!

يدفع الحنين صاحبنا إلى أن يفتح أخيرا "جروب المصريين"، ليري الحروف العربية التي كاد أن ينسى شكلها منذ سافر إلي أمريكا، قبل أن يكتب منشورا عميقا يتناول الشأن المصري.

"معكم عبد الرحمن، مصري أعيش في أمريكا، دعوني أحدثكم عن "العناد الإخواني" في مواجهة حملة تمرد الشعبية الحرة المستقلة الثورية التي خرجت بإرداة شعبية هادرة، لا بأموال الإمارات ولا تخطيط المخابرات..."

وهكذا انصب صاحبنا في سرد مشاهد "العناد الإخواني" أمام جبهة الإنقاذ الوطنية.. يبدو عبد الرحمن متأثرا للغاية بالحالة الإخوانية، ربما لأنها آخر ما يتذكره من المشهد المصري قبل سفره الطويل.

من الصعب أن تجد في رسالة صاحبنا إدانة لأستاذه البرادعي، ضمير الثورة، والنائب الأول للرئيس المؤمن عدلي منصور، قدس الله سره، والذي كان يلقي محاضرة في حشد أوروبي يقنعهم بـ"ثورة 30 يونيو" حين كانت جثث 200 شاب تواري الثرى في مجزرة الحرس والمنصة.

يكتفي صاحبنا بكلمات إدانة عامة نحو "كلنا مخطئون"، "دعونا لا نناقش الماضي إلا إذا كنا سنشتم الإسلاميين".. وغيرها من الشعارات المنافقة التي تعلمها من تدوينات أستاذه الأقرع علي تويتر.

وأخيرا.. يصل مندوب شركة التكييف، تعود الحرارة إلي سابق عهدها، فيمتد عبد الرحمن من جديد علي مقعده الوثير، ليتابع الشوط الرابع والأخير من مباراة كرة القدم الأمريكية.

وغير بعيد.. تتصفح سارة حساب الفيس بوك، وهي تنتظر أخيها الأصغر، الذي يوشك أن يخرج من المسيرة التي يقود فيها الهتاف، لينطلق إلي أخته سارة التي تقف متأففة أمام سجن القناطر، كي يزورا معا أختهم المعتقلة في السجن العتيق.

تطالع سارة رسالة عبد الرحمن، لكنها تمل من طولها المعيب، سارة مشغولة، لا وقت لديها لتلك التنظيرات الفارغة، ربما لأنها ستنطلق إلي المسيرة الليلية عقب انتهاء زيارة أختها الحبيسة.

تكتب سارة علي منشور صديقنا تعليقا.. مسكينة سارة.. عبد الرحمن لن يرى تعليقها.. المباراة لا تزال مشتعلة.. والتكييف قد عاد للعمل..
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.