الغربة | بودكاست | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

الغربة | بودكاست


الغربة تكسر من نفسك جانبا لا يبرأ.. حين تتصور يوما أنك بلغت من الإدراك في أرض ميلادك ما يكفيك عن الناس

الغربة | بودكاست


الغربة في أولها حلوة، تداعب الأحلام، وتمنح الساخطين فرصة للبدء من جديد، وتحمل في استنشاق الهواء مذاقا جديدا يوهمك أنه طعم الحرية، وتزف إليك أنها ستعوض لك في قابل الأيام ما تكبدته حتى تصل إليها.. لكنها سرعان ما تستحيل لعنة حين تتعاقب الأيام، حين تجلس وحيدا مرة، حين تجد قلبك القاسي يعجز عن مكابدة العبرات حين يلمح صورة لشاطئ طفولتك، أو ضاحية شبابك.. حين تطاردك أسئلة الندم وخيالات الرجوع.

تلك الغربة تكسر من نفسك جانبا لا يبرأ.. حين تتصور يوما أنك بلغت من الإدراك في أرض ميلادك ما يكفيك عن الناس، تخلع عنك الغربة ما تستر به عورة بالك، فتتركك في مواجهة أخرى بأرض جديدة لا تملك فيها سوى شعور انفلات زمام النفس وتسرب طغيانها.. فكم أخفت محطات المغادرة من أشواق، وكم شربت مقاعد الطائرات من دموع مهملة حين خفتت أضواء الممرات وغفا الجميع إلا المحمول على جنباتها قسرا.

لا تثريب عليك يوم يغلبك الحنين والشوق والاحتياج والحوج وأنت من كنت تعبد في نفسك فرعونا أصيلا.. تجد نفسك دون مقاومة تستلم لكل بادرة التقاء، ثم تصحو فلا تجد للعودة سبيلا، ولا للاحتمال سبيلا. إنك تكبر، فتكتشف أن كل الأوقات التي قضيتها في اللهو واللعب وكنت فيها سعيدا في بلادك، لم تكن وقتا ضائعا حقا كما أخبروك.. بالأحرى، أنت لم تعش سوى هذه اللحظات!.


بقلم: عمار مطاوع
بصوت الراوي: معتز صقر
هندسة صوتية: ضحى سليم



شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.