ملاحظات حول العمل الحقوقي في مصر | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

ملاحظات حول العمل الحقوقي في مصر


نعم .. هذه هي الفكرة .. أن تنتظم الفرق كلها في اتحاد كنفيدرالي كبير .. يعتبر باستقلال كل كيان .. لكنه في الوقت ذاته يضع إشارات المرور لتلك القطارات التي تصر على أن تسير في نفس الطريق دون أن تنتبه إلى تلك القرى التي لم يفكر أحد من قبل في زيارتها !

ملاحظات حول العمل الحقوقي في مصر

في الساعات الأخيرة الماضية، استقبلتُ عدة اتصالات، فضلا عن بعض الرسائل الفيسبوكية التي تكاد تحمل مضمونا واحدا..

أهلا عمار .. معك فلان الفلاني من مركز كذا الحقوقي .. أريد أن أعرف تفاصيل ما حصل لفتيات سجن القناطر .. نريد أن نتقدم ببلاغ للنائب العام .. نريد أن .. نريد أن..

المفارقة هنا أنني اكتشفت لأول مرة أن مئات الفرق العاملة في مجال متابعة حالات المعتقلين .. لكن تعداد كل فريق لا يتجاوز أصابع اليد..

مجهود جبار .. واهتمام بالغ .. لكن يذهب أدراج الرياح .. لأن كل فريق يعيش على جزيرة منعزلة..

فرق حقوقية لا طابع سياسي لها .. فرق ليبرالية .. وأخري إسلامية خالصة .. وبعضها إسلامية ذات أجندات..

خسارة .. لا أحد يمكنه أن يتخيل حجم الفائدة الحقوقية لو حصل تنسيق بين تلك الفئات كلها .. حتي لو تم ذلك عبر مكتب تنسيق!

•  مكتب تنسيق القوى الحقوقية..

نعم .. هذه هي الفكرة .. أن تنتظم الفرق كلها في اتحاد كنفيدرالي كبير .. يعتبر باستقلال كل كيان .. لكنه في الوقت ذاته يضع إشارات المرور لتلك القطارات التي تصر على أن تسير في نفس الطريق دون أن تنتبه إلى تلك القرى التي لم يفكر أحد من قبل في زيارتها !

الأطفال .. الفتيات .. الطالبات .. المريضات .. الرجال المحكومون .. الرجال المحبوسون احتياطيا .. المحتجزون في الأقسام .. المختفون .. الحالات الحرجة ...إلخ

كل فريق من هؤلاء يحتاج من يتخصص في متابعة حالاته، وتجميع بياناته، ووضع حصر حقيقي يتجاوز الأرقام إلى الأسماء والحالات .. حصر يعبر إلى الشخصيات ليكتشف معاناة كل معتقل ، ومن ثم يبرزها بشكل واضح..

لكن هيات أن يحصل هذا في ظل ذلك الشتات البعيد بين التيارات كلها .. حتي ليكاد كل فريق لا يرى الآخر ولا يشعر به موجودا حوله..

•  بعضهم عدو للثورة!

تعرفون من هم أشد أعداء ثورتنا؟ .. هؤلاء الذين لم يتفهموا بعد أن الليبراليين ليسوا ضد الإسلام .. وأن الإسلاميين ليسوا سيئيين إلي هذا الحد!

إنهم هؤلاء الذين لم يتفهموا بعد أن الإسلاميين هادنوا العسكر بعيد الثورة .. كما هادن الليبراليون العسكر في 30 يونيو..

ربما يجد البعض أن تلك الفقرات السابقة خارجة عن موضوع المقال .. لكنها أصل المشكلة..

ليت الأمر استقرت آثاره في الجانب السياسي .. لكنه انسحب أيضا إلي العمل الحقوقي بشكل واضح!

هؤلاء الذين ثاروا لماهيتور حتي أوصلوا الأمر إلي الأمم المتحدة .. كيف كانت ردة فعلتهم حيال فتيات سجن القناطر أو أقسام الإسماعيلية؟

وهؤلاء الذين ثاروا لإبراهيم العزب .. كيف لم يثوروا لعلاء عبد الفتاح!؟

هؤلاء الذين لا يزالون يعيشون في أغوار التشفي وإخراج اللسان ونغمة: "عرفتوا مين اللي كان صح" .. هؤلاء أعداء للثورة..

هؤلاء الذين يقلبون كل اعتقال لكادر من تيار مخالف إلي ساحة جدال وتباكي علي الماضي .. هؤلاء أعداء للثورة..

هؤلاء الذين يدعون أنهم ضد كل ظلم .. ثم تجدهم يتغافلون عن محاكمة د.مرسي بتهمة الهروب من السجن .. دون أن يفصلوا بين كرههم لشخصه وبين أن يقبلوا أن يحاكم بتهمة يعلمون تماما براءته منها!

هؤلاء الذين ينتظرون أن يخرجوا ألسنتهم لليبراليين حين يعتقل كادرهم .. لا يفهمون أنهم يخرجون ألسنتهم للشخص الخطأ .. هذا ليس العدو أصلا!!

•  الفتيات .. شكرا !

الأمر الأهم هنا أن الفتيات يمثلن الجناح الأبرز في الاهتمام بتلك القضايا .. تقريبا يقوم العمل الحقوقي في مصر كله -إلا قليلا- على أكتافهن..

ورغم خطورة الأمر إلا أنهن يذهبن برفقة الأهالي إلى مناطق ربما يكون تكرار ألفة وجوههن فيها غير مقبول..

وبالطبع فإن الفتيات غير المنتميات إلى التيار الإسلامي- هن الأبرز في ذلك الأمر عن مثيلاتهن من التيار الإسلامي.. ربما لموانع اعتادتها الإسلاميات أو لأن النظام الحالي صار يعتبر الحجاب الطويل عدوا لدودا.. والنقاب سببا كافيا لتوقيف فتاة..

علي الرغم من اختلافنا الفكري العميق مع التيارات تلك .. إلا أن نشاط تلك الفتيات أمر يستحق كل إشادة..


•  مشكلة عند شباب الإخوان..


دعونا نكن أكثر صراحة.. شباب الإخوان لا يتحركون ذاتيا في القضايا العامة إلا قليلا .. أسطورة سيطرت علي شباب الإخوان لا خلاص لهم إلا بهدمها تماما علي رأس من ابتدعها..

الأسطورة تقول: إن الإخوة عاملين حسابهم .. وأكيد الإخوة عاملين فريق بيتابع الموضوع ده!

هكذا يخدر الشاب الإخواني نفسه في كل شأن عام .. أعداد المعتقلين .. حالتهم المادية .. ظروف أهلهم .. وأشياء أخرى أيضا..

تمضي في رحلتك في معتقلي الإخوان .. فتكتشف أن فتاة في سجن القناطر لم يزرها أحد من أهلها منذ 4 أشهر .. والفتاة "تشحذ" من زميلاتها المعتقلات جميع أغراضها..

تغضب بالطبع .. تروح للـ "إخوة" تسألهم عن تلك الفتاة .. تكتشف أن "المسؤول" يقف شاغرا فاه مستغربا معترفا أنه لأول مرة يسمع عن ذلك الأمر!

هذا لا يعدو سوى مثال.. لا أريد أن ينصرف الذهن إلي البحث عن تلك الفتاة وتفاصيلها إلا لذوى الشأن .. لا نريد أن نبتعد عن مقصد المثال..


علي شباب الإخوان أن ينسفوا تلك الأسطورة نسفا .. شباب الإخوان هم المسؤول الأول والأخير عن إعطاء الآخرين فكرة أنهم سوقة .. يساقون من قياداتهم..

عجيب أن يكون كيان بكل تلك الضخامة لا يحوى مبادرات شبابية فردية حقوقية مستقلة!

عجيب أيضا أن يكون كيان تكل تلك الضخامة ولا تخرج منه مجهودات فردية إلا في إطار "التكليف" الصريح!

عجيب أن يقبل شاب إخواني أن يبيت ليلته وهو يجهل معلومة مهمة مثل عدد الفتيات في السجون أو وضع الأطفال أو مدة الزيارات في سجن كذا العمومي!

إذا أصبح عند شباب الإخوان ذلك النهم المعرفي، والمبادرة علي صناعة مشاريع فردية دون الاتكال علي أسطورة "الإخوة عاملين حسابهم" .. فإن شكل العمل الحقوقي في مصر سيتغير تماما ..

وربما تغير المشهد الثوري كله!
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.