حقوق أبناء المثليين | Ammar Metawa | عمار مطاوع | المدونة

حقوق أبناء المثليين


تتوقف رؤية بعض الحقوقيين تجاه قضية المثلية عند التأكيد على حرية الفاعلين الأساسين في العلاقة المثلية، دون أن تتعرض لما يحوطها من عناصر أخرى تتضرر بشكل مباشر من قيام هكذا علاقة، كآباء الفاعلين وأبنائهم، والأخيريون هم موضوع هذه التدوينة

حقوق أبناء المثليين

"يُسجل الطفل بعد ولادته فورا، ويكون له الحق منذ ولادته في اسم، والحق في اكتساب جنسية، ويكون له الحق في معرفة والديه وتلقى رعايتهما"، و"إذا حُرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته، تقدم الدول الأطراف المساعدة والحماية المناسبتين من أجل الإسراع بإعادة إثبات هويته".. المادتين 7 - 8 من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

طفت قضية المثلية الجنسية على السطح مرة أخرى بعد حادثة رفع علم الألوان المُميز لهم في القاهرة، ليتناولها أفراد كل فئة مجتمعية من زاويتهم، انطلاقا من موقف الأديان الرافض للممارسة الجنسية المُغايرة، مرورا بالمقارنة بين مواقف من رفعوا العلم تجاه أحداث سياسية واجتماعية أخرى وقفوا فيها في جانب كبت الحريات، وصولا إلى جدل مساحات الحرية والسياقات التحررية وعلاقتها بالمسائل الحقوقية.

وتتوقف رؤية بعض الحقوقيين تجاه قضية المثلية عند التأكيد على حرية الفاعلين الأساسين في العلاقة المثلية، دون أن تتعرض لما يحوطها من عناصر أخرى تتضرر بشكل مباشر من قيام هكذا علاقة، كآباء الفاعلين وأبنائهم، والأخيريون هم موضوع هذه التدوينة.

يقرر المثليون، والمدافعون عنهم، أشكال جديدة للحصول على حق الوالدية، فهم يفصلون بين ممارسة الأمومة/الأبوبة وبين كيان الأسرة الطبيعية، فيرون أن الأمومة حق لكل فتاة، وأنه لا يجب ربطه بمسألة الزواج، وأنّه يمكن لكل فتاة "الحصول" على طفلها بالطريقة التي تريد، بداية من الممارسة الجنسية الحرة التي لا يمكن من خلالها تسمية والد للطفل، مرورا بالأعمال التخليقية المعملية كأطفال الأنابيب، وصولا إلى الوسيلة الأشهر، التبني والكفالة.

ويُبرز الحقوقيون المدافعون عن المثلية في المجتمع الغربي انتشار ثقافة تبني أطفال الشوراع، وأجنة ملاجئ الأيتام، معتبرين ذلك فضيلة أخلاقية تعزز من القبول بالممارسة المثلية، وتسهم في ترسيخ ثقافة المظلومية حيال قضية المثليين الفضلاء محبي الخير، الذين يواجهون حربا من الشريرين أعداء التنوير وقبول الآخر.

لكن الحقيقة، أن مصادرة حق الطفل في النشوء ضمن السياق الأسري الطبيعي تعد جريمة كاملة، إذ يؤكد ميثاق الأمم المتحدة للطفولة حق كل طفل "في معرفة والديه وتلقى رعايتهما"، تلك الرعاية التي لا يمكن تصور حصولها إلا في وجود رجل يمثل الأب وامرأة تمثل الأم، فلا العقل ولا المنطق يقول بأن الرجل (أيُّ رجل) يمكنه أن يمنح الطفل ما تمنحه إياه أمه، والعكس بالعكس.

يؤكد ذلك، أن ميثاق الأمم المتحدة للطفولة ذاته، تحدث بوضوح عن حقوق الطفل الذي ينفصل والداه، وألزم كل طرف منهما أن يقوم بواجبه تجاه الطفل، وأن تُشرع القوانين التي تكفل للطفل حق تمتعه بالممارسة الوالدية الطبيعية، أب وأم، ولا يجوز -وفق الميثاق- لأي طرف من طرفي الأسرة حرمان الطفل من التمتع بحقوقه الكاملة.

يؤكد هذا إلى إدارك واضعي الميثاق الأممي بأهمية الدور الذي يلعبه كل طرف من الوالدين، واضطلاع كل واحد منهما بمهام يستحيل على الآخر الوفاء بها، وأن حق الطفل في تلبية تلك المهمات أمر لا يمكن المنازعة عليه أو تجاوزه.

هنا، يجادل الحقوقيون حول ذلك الأمر كثيرا، ويصرفون كثيرا من المؤتمرات وورش العمل في بحث حلول عملية لتلك المعضلة، لينحصر "نضالهم" في أحد جانبين: فإما أن يفرضوا على المثليين سياجا أخلاقيا يرفض نزع حق طفل أو أكثر في الحصول على كامل الرعاية الوالدية، أو يغضوا الطرف ويشرعوا في تبرير الانتهاك الواقع على طفل المثلية وحقوقه المستباحة.

وللأسف، اختار المدافعون عن الحرية المثلية التغافل عن مثل تلك الانتهاكات الواقعة على أبناء المثليين، ورفضوا الاعتراف بأن نشر ثقافة المثلية يعد نشرا لممارسة تنتهك حقوق الطفل وتعزز من حرمانه من حقوقه الأساسية، وتنزع عنه أحقية اختيار السياق الأسري الذي ينشأ فيه.

في الأخير، يسقط عن كثير من المدافعين عن القضايا الحقوقية أن الحرية ليست مطلقة، وأن كثيرا من المسائل الحقوقية التي يبدو للوهلة الأولى أنها ممارسة شخصية بحتة، تُخفي في طياتها انتهاكات لأطراف أخرى، وليس أدل على ذلك من رفض الحقوقية اعتبار تعاطي المخدرات أو الإتجار فيها حرية شخصية، وإصرارهم على كونها انتهاكا لحرية آخرين متأثرين بانحراف الفاعلين، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الممارسة المثلية، لكنّ البعض يتعمد إغفال ذلك.
شاهد أيضا
شارك

عمار مطاوع

Ammar Metawa صحفي مصري مقيم في أمريكا الجنوبية، أكتب من الأرض المنفصلة عن الجانب البعيد من لاتينا، حيث يؤمن الناس بالأساطير والحكايا أكثر مما يؤمن الشرقيون بالعقائد والأديان، ويرسمون حياة فريدة تكسر لدى مَن يجاورهم نمطية الأفكار وجمود التصورات.