فطور كورونا المجاني.. فصل في خذلان لاتينا
كيف توغل الفيروس القاتل على البيرو بهذا العنف، رغم أنها صاحبة أطول إغلاق صحي كامل منذ بدء الجائحة؟ الإجابة هي الفقر.. الفقر ولا شيء آخر!
كل صباح، يضطر سكان منازل مدن الصفيح للاصطفاف في انتظار وصول سيارات إمداد المياه، ليحملوا منها ما يكفي استخدامهم طول اليوم.. هذا اللقاء الصباحي الإجباري، وجبة إفطار شهية يومية يستيقظ عليها الفيروس كل صباح.
يستخدم الناس في تلك الطوابير أقعنة هي ملابسهم، تعود إلى أجسادهم بعدما تنتهى من لعب دور الكمامة.. الماء أقل من أن يستهلك في غسول متكرر، وزجاجة الكحول أغلى مما تكسبه العائلة في يومها كله..
لا تبدو إمكانية ناجعة لوقف هذه المأساة.. فالناس لن تتوقف أبدا عن الشرب، والبلد إمكاناته أقل من أن يوفر بديلا سريعا ينقذ حاملي هذه الأوعية العطِشة.. مرة أخرى: ذلك بلد يتعلم السباحة بينما السفينة تغرق!
داهمتهم الجائجة فسقطوا صرعى، هذا ثمن امتصاص دماء الجنوب اللاتيني المستمر منذ قرون، رغم أن كل ما يحتاجونه هو بعض سيارات تخزين إضافية، والمزيد من عمال موزعين يتقاضون رواتب أدنى 100 دولار مع كل اكتمالة للقمر، وأدوات عزل طبية لحمايتهم أثناء التوزيع.
كم سيكلف هذا؟ بالتأكيد أقل ألف مرة من تكلفة الصاروخ الذي أطلقته البشرية قبل أيام للفضاء، وأقل ألف مرة من تكلفة صورة الثقب الأسود، وأقل ألف مرة من ثمن قطعة موز مثبتة على الحائط، وأقل ألف مرة من تكلفة بناء برج جديد في الإمارات أو استاد في قطر أو قصر في السعودية أو سجن في مصر أو قاعدة عسكرية روسية في سوريا.
يشعر اللاتينيون بالخذلان، فالعالم قرر فجأة أن يطوي صفحة كورونا، ويلتفت لعناوين أخرى، بعدما اطمأن أنه قد غادر أرض أصحاب البشرة البيضاء، ليلتهم أرض أصحاب القلوب البيضاء.
شاهد أيضا